الاثنين، 30 نوفمبر 2009

تقرير ديوان المحاسبة عن مخالفة مرسوم تأسيس شركة أمانة

نبدأ الإجابة على التساؤلات التي طرحت حول التعاملات المالية لرئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد الصباح  و أولها تقرير ديوان المحاسبة حول المرسوم الساقط في تأسيس شركة أمانة و التي يتملك رئيس الحكومة ثلاثة ملايين سهم في الشركة التي قامت بتأسيسها و هي شركة أموال الدولية للإستثمار.



يقول الديوان في تقريره ان مراحل الفحص والمراجعة التي قام بها تشير الى أن الشركة منذ بداية عملية التأسيس مروراً بعملية الاكتتاب وانتهاء بعملية الالغاء ما بين وزارة التجارة والصناعة - مجلس الوزراء - لجنة الشؤون الاقتصادية - ادارة الفتوى والتشريع - الهيئة العامة للاستثمار - الادارة العامة للجمارك، جاءت مخالفة للقانون وفي الوقت نفسه لم تمر هذه المراحل وفق الأطر القانونية بالشكل الصحيح والمطلوب، حيث يتضح أن وزارة التجارة والصناعة وقعت في دائرة التناقضات عندما أكدت بداية على سلامة وصحة عملية التأسيس وأنها استكملت مقومات انشائها وفقاً لأحكام القانون بعد خضوعها للفحص والبحث لأكثر من عامين وعلى عهود ثلاثة وزراء الى آخر ما ذهبت اليه في مدح هذه الشركة والآثار الاقتصادية المترتبة على قيامها ثم الانتهاء بالقول ان الشركة قد خالفت عقد التأسيس وقانون الشركات.


كما ظهر جلياً قيام مجلس الوزراء بالدور المحوري والأساسي في جميع مراحل انشاء هذه الشركة، ونظراً لأن مثل هذه الشركات لها التزاماتها على الدولة باعتبار أنها تدخل ضمن اطار الاكتتاب العام وأنها لا تمر الا من خلال مرسوم أميري، لذا كان من المناسب أن تكون الدولة أحد المساهمين فيها حتى لا تترك مجالاً للشك أو التأويل، كما أن في مشاركتها اضفاء الثقة والاطمئنان والتشجيع نحو مشاركة المواطنين في عملية الاكتتاب ودعم المشاريع التنموية والمساهمة في تشغيل العمالة الوطنية واعادة اعمار البنية التحتية والتخزينية والصناعية والحرفية في المناطق التي ستحقق نوعاً من التطوير المساند في جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً واقليمياً.


وقال الديوان ان دراسة الجدوى التي تقدم بها المؤسسون لم تظهر أن هدف الشركة هو كسر الاحتكار في السوق المحلي في مجال النقل والتخزين والخدمات اللوجستية وأنها تستطيع تجهيز وتدبير وشراء أراض تستطيع من خلالها تحقيق أغراضها التي أنشئت من أجلها، خاصة اذا ما كان رأس المال المحدد للتأسيس 50 مليون دينار لا يفي بذلك وهذا ما كان يجب ألا يترك رهينة لمشيئة المؤسسين بل كان من الضروري الزام المؤسسين برفع قيمة رأس المال ضماناً لنجاح مثل هذه المشاريع التي تنهض بها هذه الشركات وضماناً للدائنين.


بل على العكس ارتكزت رؤية المؤسسين في هذه الدراسة بالأساس الحصول على ثلاثة ملايين م2 من أراضي الدولة خلال ثلاثة أعوام وهذا ما اتجه اليه تقرير مستشار سمو رئيس مجلس الوزراء، لذا يمكن القول ان التداعيات التي صاحبت عملية تأسيس هذه الشركة والأخطاء التي اشترك فيها المؤسسون وكل من وزارة التجارة والصناعة ومجلس الوزراء على نحو ما ورد بالتقرير كانت وراء وقف الاكتتاب والغاء هذه الشركة.


وقال الديوان ان شركة أموال الدولية للاستثمار ذكرت ان دواعي المبادرة هو الإقبال المتزايد على خدمات النقل والتخزين والحاجة الملحة للخدمات اللوجستية، حيث تتجه رغبة العملاء والمتخصصين على اختلاف شرائحهم الى الاستفادة من خدمات متطورة ومرنة، وكذلك الرغبة في الانسجام مع شريك متخصص لتوفير حلول عالية المستوى لعملية التخزين والتوزيع محليا وإقليميا ودوليا مما يفتح قوة كبيرة وداعمة في اتجاه دفع العجلة الاقتصادية.


ولتحقيق ذلك فسوف تستهدف الشركة كمرحلة أولية الحصول على مساحة ستة كيلومترات مربعة من الاراضي المخصصة للتخزين العام حسب التنظيم العام من الدولة، موزعة على مواقع جغرافية مختلفة شمالية وجنوبية ضمن المساحات التي تم تخصيصها حسب ما جاء في قرار اللجنة المكلفة بالقيام باختصاصات المجلس البلدي في قرارها المتخذ 1-11-2004.


مما سبق يتضح ان المبادرة التي تقدمت بها شركة أموال الدولية للاستثمار كانت تستهدف بالأساس الحصول على أراض من الدولة 6 كم2 كمرحلة اولى، وبالتالي فإن تأسيس الشركة استند الى تحقيق هذا الهدف خاصة بعدما تبين للديوان من فحص عقود الشركات المذكورة المشاركة في طلب التأسيس بأنها غير قادرة على دعم نشاط الشركة لأن بعضها ليس لديه اداء تشغيلي واضح وليس لديه بيانات مالية سنوية وترخيص احداها منته لدى وزارة التجارة والصناعة، يضاف الى ذلك ما لوحظ من السرعة غير المعهودة لدى وزارة التجارة باتخاذها إجراءات فورية نحو مخاطبة الجهات الحكومية المختصة لاستكمال اجراءات التأسيس كما لم تتطرق وزارة التجارة والصناعة الى ما جاء بالمبادرة من استهداف الشركة الحصول على مساحة 6 كم2 من اراضي الدولة.






المآخذ التي شابت عملية الاكتتاب:


- عدم قيام المؤسسين بإعلام المكتتبين عبر نشرة الاكتتاب بعدم التزام الدولة بتوفير أي اراض مما يعد مخالفة للبند الخامس من المادة 76 من قانون الشركات الكويتي رقم 15 لسنة 1960 وتعديلاته وتقصير وزارة التجارة والصناعة في فرض الرقابة الوقائية اللازمة على عملية الاكتتاب حماية للادخار العام والمدخرين:


اشترطت المادة 76 من قانون الشركات التجارية الكويتي رقم 15 لسنة 1960 وتعديلاته ان يصدر المؤسسون عند طرح الأسهم في الاكتتاب بيانا للجمهور يتضمن خمسة بنود تتعلق بعقد التأسيس ونظامها الأساسي واغراض الشركة ومقدار رأس المال وعدد الأسهم وقيمة السهم والحد الأعلى لعدد الأسهم وميعاد الاكتتاب وهي شروط اوجبتها المادة المذكورة لضمان سلامة الاكتتاب، كذلك تناول البند الخامس من هذه المادة «جميع المسائل الاخرى التي يكون من شأنها أن تؤثر في المركز المالي للشركة».... وترسل صورة منه الى الدائرة الحكومية المختصة (وزارة التجارة والصناعة).


وحيث انه والحالة التي نحن بصددها ترتكز حول موضوع الاراضي وانه من المسائل المهمة التي من شأنها ان تؤثر تأثيرا كبيرا في المركز المالي للشركة كون رأسمال الشركة يبلغ 50 مليون دينار لا يفي بتحقيق اغراض الشركة نظرا لارتفاع تكلفة الاراضي وارتفاع التكلفة اللازمة للاعمال اللوجستية، وحيث ان المرسوم الاميري رقم 174 لسنة 2007 قد رخص للمؤسسين القيام بتأسيس شركة امانة للتخزين العام قد قضى في مادته الثالثة، بان هذا الترخيص لا يمنح الشركة المذكورة اي احتكار او امتياز ولا يترتب عليه اي مسؤولية على الحكومة، فكان لزاما على المؤسسين توضيح ذلك للجمهور ضمن بيان نشرة الاكتتاب لانه من البيانات اللازمة للتعريف بها، فاسقاط مثل هذه المسائل الهامة او اهمالها او تحويرها يعد اخلالا بقواعد القانون لانه امر ضروري وهام اقره المشرع حماية للادخار العام والمدخرين، وهو الامر الذي استهدفته معظم هذه الشركات نظرا لاعتبار مرحلة الاكتتاب من المراحل الهامة في تأسيس الشركة بحسبان انها الاداة لجمع الجزء الاكبر من رأسمال الشركة وما تقوم عليه فلسفة الاكتتاب العام الذي يستهدف اشراك اكبر عدد ممكن من الجمهور.


كذلك فانه يقع على وزارة التجارة والصناعة مسؤولية عدم المتابعة الوقائية لمرحلة الاكتتاب، الامر الذي كان يتوجب عليها قبل السماح للمؤسسين بطرح اسهم الشركة للاكتتاب العام بموجب القرار الوزاري رقم 469 لسنة 2007 اتخاذ ما يلزم تجاه قيام المؤسسين تضمين نشرة الاكتتاب نصا صريحا وواضحا يبين «عدم التزام الدولة بتوفير اراض او مساحات للتخزين» او قيام الوزارة باعلان بيان توضيحي بذلك ينشر في الصحف.


المآخذ التي شابت عملية الإلغاء


- عملية الالغاء ودور كل من مجلس الوزراء ووزارة التجارة والصناعة في ذلك:


اظهرت المراحل التي مرت فيها عملية تأسيس شركة امانة للتخزين العام مرورا بصدور المرسوم رقم 174 لسنة 2007 بالترخيص في تأسيس شركة مساهمة كويتية باسم شركة امانة للتخزين العام - على نحو ما سبق بيانه ـ وانتهاء بصدور المرسوم رقم 285 لسنة 2007 بالغاء المرسوم رقم 174المشار اليه، عدة قراءات نوجزها فيما يلي:


1 - ان مجلس الوزراء، الذي بارك عملية تأسيس هذه الشركة (دون غيرها) وافق على مشروع مرسوم الغاء تأسيس شركة امانة.


2 - القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء باجتماعه رقم 37 بتاريخ 2/9/2007 بعد مناقشته لمختلف الجوانب والابعاد المترتبة على استمرار عملية الاكتتاب في الشركة وما قد يستتبعها من تداعيات واحتمالات تمس مصلحة المواطنين والمصلحة العامة، حيث قرر المجلس ما يلي:


- تكليف وزارة التجارة والصناعة باتخاذ الخطوات اللازمة نحو ايقاف اجراءات الاكتتاب في الشركة وبناء عليه اصدر وزير التجارة والصناعة القرار الوزاري رقم 518 لسنة 2007 بالغاء القرار الوزاري رقم 469 لسنة 2007 والمعدل بالقرار الوزاري رقم 481 لسنة 2007 والخاص بطرح اسهم شركة امانة للتخزين العام (ش. م. ك) عامة للاكتتاب العام في دولة الكويت.


- تكليف وزير التجارة والصناعة بتقديم تقرير شامل حول الملابسات المتصلة بقيام الوزارة بالموافقة على الترخيص بتأسيس الشركة ومخاطبة مجلس الوزراء بهذا الشأن في اجتماعه القادم.


هذه التكليفات جاءت بعد ان استطلع المجلس في هذه الجلسة رأي ادارة الفتوى والتشريع في شأن الجوانب القانونية المتعلقة بالموضوع، حيث تبين له انها جاءت على نحو قانوني سليم.


- وبجلسته رقم 38 بتاريخ 6/9/2007 استمع المجلس الى تقرير قدمه وزير التجارة والصناعة شرح فيه اوجه الخلل التي شابت اصدار المرسوم المشار اليه وما تستوجبه المصلحة العامة من الغاء هذا المرسوم، مؤكدا حرصه على اتخاذ الاجراءات اللازمة في شأن من تسبب في حدوث هذه المشكلة وبالجلسة نفسها اصدر المجلس القرار التالي:


- الموافقة على مشروع مرسوم بالغاء المرسوم رقم 174 لسنة 2007 ورفعه الى حضرة صاحب السمو الامير مع اعطائه صفة الاستعجال.


< الموافقة على انشاء شركات مساهمة عامة للتخزين العام يتم تأسيسها تباعا وفق جدول زمني مدروس (يراعي حاجة السوق) على ان يتم توزيع المساهمة في كل منها على نحو ما ورد.


واللافت للنظر ان وزارة التجارة والصناعة سبق واشادت بالآثار الاقتصادية التي ستعود على الدولة والمواطنين من تأسيس هذه الشركة وقامت بالدفع في اتجاه عملية التأسيس التي استمرت اكثر من عامين لم تعترض الوزارة خلالها على سلامة وصحة الاجراءات القانونية التي مرت بها عملية التأسيس.


لذلك تقدم الفريق المكلف بكتابه المؤرخ 31ــ1ــ2008 الى مدير ادارة مكتب وزير التجارة والصناعة طلب فيه تزويده بصورة من التقرير الذي قدم لمجلس الوزراء بعدما تبين للديوان عدم وجود هذا التقرير لدى الامانة العامة لمجلس الوزراء، وقد جاء الرد المؤرخ في 20ــ2ــ2008 بأن التقرير الذي قدمه الوزير كان تقريرا شفويا وليس تقريرا مكتوبا وان عملية الالغاء ترجع لمخالفة الشركة لعقد التأسيس مخالفتها لاحكام المواد 3،2 من مرسوم التأسيس ونص المادة 76 من قانون الشركات التجارية.


كما انه اعمالا لحكم المادة 74 من قانون الشركات التجارية الكويتي رقم 15 لسنة 1960 بأن الشركة «تكتسب الشخصية المعنوية من وقت صدور المرسوم» واذا كان هناك اخطاء قانونية ومخالفات ارتكبتها الشركة لعقد التأسيس فالمسؤول عن ذلك هو وزارة التجارة والصناعة كونها الدائرة الحكومية المختصة على الرقابة الحكومية المسبقة على مراحل التأسيس.


ولما كانت عملية الالغاء استندت الى عدم الالتزام بتدبير الاراضي الخاصة باستخداماتها لتنفيذ اغراضها عن طريقها، ونظرا لما ينطوي عليه عدم اظهار هذه المعلومات من اهمية بالغة في قرار المواطنين في الاكتتاب في هذه الشركة فإنه يكون امرا مقبولا الغاء عملية الاكتتاب في هذه الشركة، كما انه لا يرفع المسؤولية كاملة عن وزارة التجارة والصناعة في هذا الجانب حيث كان من الاهمية الزام المؤسسين الاشارة الى ذلك ضمن نشرة الاكتتاب على نحو ما سبق في هذا الخصوص.
 
خالص الشكر للزميل بدر المهنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق